الغش في المدارس
إلى ما قبل سنوات كان الغش مادة اختيارية، وكان الطالب هو الذي يقرر ما إذا كان عليه أن يغش أم لا!
أما في السنوات الأخيرة أصبح الغش مادة إجبارية مقررة على الطلبة في الامتحانات. فالطالب أما أن يغُش وأما أن يُغَشِش ولا خيار له.
وإلى ما قبل سنوات كان الغش ظاهرة منتشرة في المدارس، أما في السنوات الأخيرة فقد أضحى الغش مدرسة، وأضحت مدرسة الغش هي المدرسة الأم بدليل قول الشاعر:الغش مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأخلاق.
وقول الآخر:الأم مدرسة إذا غششتها غششت شعبا طيب الأعراق.
وفي مدرسة الغش لم تعد رسالة المعلم تقتصر على التعليم وإنما صار المطلوب منه أن يقوم بتغشيش التلاميذ، أن يهب لنجدتهم ولتغشيشهم عندما يطلب منه ذلك.
فإن هو اعترض ورفض أو تباطأ وتكاسل ولم يقم، احتج عليه هؤلاء بالبيت الشعري القائل: قم يا معلم غشش التلميذا .. كاد المعلم أن يكون بيلدا.
وعادة فإن القائمين على مدرسة الغش والمدافعين عنها يستشهدون في دفاعهم عن مدرستهم بجملة من الاشعار والأمثال والأقوال المأثورة التي تحث على الغش وهذه بعضها:
بالغش والجهل يبني الناس ملكهم .. لم يُبنَ ملك بلاغش ولاجهلِ
عند الامتحان يغُش المرء أو يهان
من غششني حرفاً صرت له عبداً
الغًش في الصغر كالنقش في الحجر
غشوا صغاراً تفلحوا كباراً
تعلموا الغش قبل أن يُرفع
اطلبوا الغش ولو في الصين
من غشش تلميذا فكأنما غشش التلاميذ جميعا
من غشش فأصاب فله اجران ، ومن غشش فأخطأ فله أجر المجتهد.
---------------------------------------------------------------------------------------
الغش في حياتنا
الجزار يغشك باللحمة
المقوت يغشك بالقات
بائع الفواكه يغشك بالفاكهة
التاجر يغشك بالبضاعة
المقاول يغشك بالبناء
المسئول يغشك بتصريحاته
المثقف يغشك بأفكاره
الصحفي يغشك بتقاريره
الشاعر يغشك بشعره
العاشق يغشك بعواطفه
الزعيم يغشك بخطاباته
الحزب يغشك ببرنامجه
المناضل يغشك بشعاراته.
الكل يمارس الغش والغش الآخر
، ولو أنت قررت الانتحار بسم الزرنيخ احتجاجاً على كل هذا الغش وهروباً من كل هؤلاء الغشاشين ستكتشف بعد مرور وقت على تجرعك السم، أن تاجر السموم قد غشك هو الآخر، وأن السم الذي باعه لك هو سم مغشوش، فاتر وغير قاتل.
عبدالكريم الرازحي
صحيفة حديث المدينة