ومن المفيد هاهنا تشجيعاً له وتنشيطاً له وتقديراً له -الاستجابة لميوله ، خاصة مع الصغير فلا بد من ترضيته وتنفيذ مطالبه ، وحين تتم الاستجابة له تنشرح نفسه ويزداد نشاطه وينطلق من جديد ويواصل تفوقه وتألقه ، وقد يكون منعه مما يريد – خاصة بعد أدائه جهداً كبيراً – قد يكون ذلك إحباطاً معنوياً كبيراً وإعاقة للطالب عن مواصلة سيره .
وقد روي أن رسول الله خرج إلى عثمان بن مظعون ومعه صبي صغير له يلثمه ، فقال له : (( ابنك هذا ؟ )) قال :نعم ، قال : (( تحبه يا عثمان ؟ )) قال : إي والله يا رسول الله إني أحبه ، قال : (( إنه من ترضى صبياً صغيراً من نسله حتى يرضى ، ترضاه الله يوم القيامة حتى يرضى )) رواه ابن عساكر .
ولا بد أن تكون الاستجابة لميوله بحدود ، فلا تكون في ضرر على الطالب كالذهاب إلى الأماكن التي يخلع فيها الحياء ، أو تعلو أصوات المنكرات ، أو تنتهك فيه المحرمات ؛ فيمنع ، وحينئذ لا بد أن يكون المنع معللاً مع إيجاد بديل ملائم .
6- النظرة إليه نظرة واثقة :
نرى الإسلام يثق بالشباب ثقة واضحة ، لأن شباب ربي على أقوم منهج ، وبهذا المسلك الكريم لا يشعر الشباب أن شبابهم هو الذي يؤخرهم ، وأن الثقة لا تكون إلا في الشيوخ .
وهذا رسول الله يبعث معاذاً إلى اليمن ويوليه ثقته وهو شاب ، مع لفت نظره وتوجيهه والاطمئنان على المنهج الذي سيسير عليه .
وهاهو يدعو لابن عباس
( اللهم فقهه الدين وعلمه التأويل )) .
وهاهو يولي أسامة بن زيد الجيش العظيم .
ولا يدري كثير من الناس أن الطفل واحد من رجال الأمة ، إلا أنه مستتر بثياب الصبا ، فلو كشف لنا عنه وهو كامن تحتها لرأيناه واقفاً في مصاف الرجال القوامين ، ولكن جرت سنة الله أن لا يتفتق زوال تلك الأستار إلا بالتربية شيئاً فشيئاً ، ولا تؤخذ إلا بالسياسات الجيدة على وجه التدرج .
وحين ينظر المعلم إلى طالبه نظرة واثقة بأنه سيحقق كذا وكذا ، وسيحفظ كذا وكذا ، يشعر الطالب بأنه قادر على الحفظ وتنبعث الرغبة في نفسه وينشط لتحقيقها .